الصيام عند المسلمين وغير المسلمين

 


                     الصيام عند المسلمين وغير المسلمين






الله الواحد القهار

 

الصيام عند المسلمين وغير المسلمين

صوم شهر رمضان من كل عام، هو الصيام المفروض على المسلمين المكلفين بالإجماع، وهو أحد أركان الإسلام الخمسة، حيث فرض في السنة الثانية من الهجرة النبوية المشرفة وثبتت فرضيته بالقرآن والسنة والإجماع، حيث بينت آيات الصيام تفاصيل أحكامه ومواقيته، وكذلك الأحاديث النبوية لأنها مفسرة للقرآن، وشارحة له، حيث أوجبت صوم شهر رمضان إما برؤية الهلال، أو باستكمال شهر شعبان ثلاثين يوما عند تعذر رؤية الهلال، وقد صام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم تسع رمضانات إجماعا.

ويجب الصيام على كل مسلم، مكلف بالغ عاقل، مطيق للصوم، صحيح معاف، مقيم، غير معذور أن يصوم شهر رمضان، ولصحة الصوم شروط أربعة، هي الإسلام والتمييز و الخلو من الموانع والتوقيت، ووقت الصوم من طلوع الفجر إلى غروب الشمس في كل يوم من أيام رمضان، وصيامه يكفر الذنوب لمن صامه إيمانا واحتسابا، وأبيح الفطر في نهار رمضان بشروطه للمريض الذي يرجى شفاؤه وللمسافر وعليهما القضاء، وشرعت الفدية في حق من لا يطيق الصوم أو من عجز عنه كالشيخ الكبير، أو المريض الذي لا يرجى شفاؤه.

وتدل النصوص الشرعية من الكتاب والسنة على أن الصيام الذي فرضه الله على المسلمين كان مفروضا على الأمم السابقة، حيث إن الله هو الذي شرع الأحكام لعباده، وأن العبادة لله وحده لا شريك له، وقال عز وجل في كتابه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، وأوضح المفسرون أن المقصود بذلك (اليهود والنصارى).

كما ذكر المفسرون أن الصيام من الشرائع القديمة، حيث كان مفروضا على الأنبياء وأممهم من أهل الكتاب (اليهود والنصارى) في الشرائع السابقة، وشرعت أحكامه ومواقيته، من بعد إبراهيم أبو الأنبياء، وذلك أن الله جل ثناؤه جعله للناس إماما، وجعل دينه الحنيفية المسلمة، فأما اليهود فقد فرض الله عليهم الصيام ولكنهم حولوه فصاموا يوما، وأخرج البخاري في تاريخه والطبراني «عن النبي أنه قال "كان على النصارى صوم شهر رمضان".

وفي المعنى الذي وقع فيه التشبيه بين فرض صوم المسلمين وصوم الذين من قبلهم، أن صوم شهر رمضان فرض على النصارى، وتشبيه صيامهم بصيام المسلمين هو اتفاقهما في الوقت والمقدار.

وللصوم في الإسلام مراحل تشريعية قبل أن يفرض على المسلمين صوم شهر رمضان كاملا إلى أن استقرت الأحكام واكتمل الدين، فكان المسلمون قبل أن يفرض عليهم صوم رمضان يصومون ثلاثة أيام من كل شهر، ويوم عاشوراء الذي كان الناس في الجاهلية يصومونه، احتفاءا بنجاه موسى وقومه وغرق فرعون، فصامه النبي وأمر بصيامه قائلا نحن أحق بموسى منهم، وعندما هاجر إلى المدينة صامه وأمر بصيامه، فلما فرض صوم شهر رمضان قال "من شاء صامه ومن شاء تركه".

وكان فرض الصوم في أول فرضه على المسلمين في أيام معدودات، و ليس في كل يوم لئلا يشق على النفوس، فتضعف عن حمله وأدائه، بل جعل فرضه في أيام قلائل، هي أيام من شهر رمضان، وكان الصوم على التخيير، في بداية فرضه، فعن معاذ بن جبل قال كان الصيام في ابتداء الأمر من شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم عن كل يوم مسكينا، ثم نسخ حكم التخيير بآية فرض صوم رمضان، وهكذا روى البخاري عن سلمة بن الأكوع ، ثم فرض صيام الشهر كله بنزول العزيمة بقوله تعالى: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه

صيام الفراعنة (المصريون القدماء)

مارس المصريون القدماء العديد من الطقوس بهدف التقرب من الآلهة ونيل رضاها وشكرها، مثل الاحتفال بأعياد كعيد الربيع وعيد الحصاد وعيد وفاء النيل لتطهير النفوس من الذنوب والأخطاء التي قد تغضب الآلهة، مما يوجب عليهم طلب الغفران ونيل بركات ونعم الآلهة بطقوس مختلفة، ذكر باحثون أن الصوم من بينها.

لكن الصوم عند المصريين القدماء مختلف عليه بين علماء الآثار والباحثين، فمنهم من يشير إلى ممارسة طقوس خاصة من قبل الكهنة فقط، وآخرون يتحدثون عن طقوس صوم يمارسها عامة الناس. لكن بينهم من يُبعد صلة تلك الطقوس بالصيام باعتبار أن السياق الذي تمارس فيه لا علاقة له بالصوم كما في الأديان السماوية.

كان الصوم، حسب بعض الباحثين، يبدأ من طلوع الشمس إلى غروبه. أما فتراته فيعتقدون أنها مختلفة وتتراوح بين ثلاثة أيام إلى 70 يوماً يمتنع خلالها ممارسوها عن الطعام والشراب والجماع.

 

وفقا للبعض، هناك عيد للصوم مخصص لإرضاء أرواح الأموات المحرومين من الطعام. ويعتقد البعض الآخر أن هناك نوعاً آخر من الصوم لا يسمح فيه بتناول الطعام باستثناء الماء والخضروات لمدة 70 يوماً.

صيام اليهود

يصوم اليهود ستة أيام فقط طوال العام، ويتبع اليهود فى صيامهم طقوس التقشف، كالنوم على الأرض والامتناع عن الأكل، والشرب، والجماع، والاستحمام، وتغيير الملابس، والتعطر، وغسل الأسنان، والعمل، وارتداء الأحذية، منذ غروب الشمس إلى غروب اليوم التالى، ويتم إعفاء الأطفال والمرضى والنساء الحوامل والمرضعات من الصيام.

 

ويعتبر أهم أيام الصيام بالنسبة لليهود هو "يوم الغفران" ويوافق أكتوبر أو سبتمبر، يصومون فيه 25 ساعة مع الكثير من الصلوات، ويرتدى فيه الرجال وشاحًا أبيض، والنساء ملابس بيضاء، ويليه فى الأهمية صيام يوم 9 أغسطس، فى ذكرى خراب الهيكل المقدس، وهو صيام وحداد على تدمير هيكل سليمان، ثم يوم 13 نوفمبر ويسمى "صيام جداليا"، لإحياء ذكرى مقتل حاكم أورشليم الذى ذبح بعد هدم الهيكل.

 

كما يصوم اليهود يوم السابع عشر من يوليو، الذى هدمت فيه جدران القدس، حسب زعمهم، إضافة ليوم العاشر من "تيفيت" فى التقويم العبرى، الموافق لشهر ديسمبر أو يناير، وهو اليوم الذى بدأ فيه القائد بختنصر البابلى حصار أورشليم، وآخرها يوم الثالث عشر من مارس، ويسمى "صيام استير"، وهو لإحياء "عيد الفور"، فى ذكرى خلاص اليهود من مجزرة هامان، وزير الإمبراطور الأخمينى أحشويرش وفقًا للتراث اليهودى.

 

كما أن هناك نوعان من الصوم لدى اليهود، الأول، فردى (شخص) ويُسَمى صوم الأسر، ويقع فى حالات الحزن الفردى، أو عند التكفير عن خطيئة، والثانى جماعى، وهو غير ثابت، وغالبًا ما يفعلونه عند حدوث حزن عام يقلقهم، كالصوم عند رداءة المحصول، أو غارات الجراد، أو الهزائم فى الحروب.

 

الصوم فى الديانة المسيحية 

لم يشر الإنجيل فى نصوص إلى الصيام، لكن التقاليد الكنسية تدعو للصيام قبل أربعين يوما من عيد الفصح، ثم زيدت لتصبح ستة أسابيع بما سمى الصيام الأكبر.

 

وفى هذا الصيام يمنع أكل لحوم الحيوان ومنتجاته كالألبان ومشتقاتها، إلا أن الأمر يعود للكنيسة، فالكنيسة الروسية تمنع أكل اللحوم والسمك، أما الكنيسة الكاثولوكية فى إنجلترا، فرخصت لأتباعها أكل اللحوم والسمك فى أيام الصيام إلا فى أيام معدودة، كالأربعاء والجمعة والخميس المقدس، أما الأقباط الأرثوذوكس فيصومون فى أيام كثيرة، ويمتنعون عن اللحوم والألبان ومشتاقتها.

 

ويمكن تقسيم الصيام حسب الطوائف المسيحية إلى ثلاثة أقسام هى:

 

الصيام فى الكنيسة الكاثوليكية

يبدأ فى منتصف الليل إلى منتصف النهار، ويلتزم به كل من بلغ السابعة من العمر، وينتهى بالستين للرجال، والخمسين للنساء، والصيام اللازم فى الكاثوليكية هو الصيام الكبير، ويمتنعون عن أكل اللحم والألبان والبياض (البيض، والجبن، والحليب، والزبد) يومى الأربعاء والجمعة.

 

الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية:

تتفق مع نظيرتها الكاثوليكية فى الصوم الكبير باعتباره أهم وأعمّ أنواع الصيام ومدته خمسون يومًا أو خمسة وخمسون يومًا ولديهم طريقة فلكية لضبط وقته من عام إلى عام، وينبغى أن يبدأ بيوم الاثنين

 

والكنيسة لها أصوام أخرى أهمها: صوم الميلاد؛ ومدته أربعون يومًا من 25 من نوفمبر إلى 6 من يناير، وصوم (الرسل)؛ وتمارسه الكنيسة منذ عصر الرسل ليس عدد محدد من الأيام، وصوم العذراء، ومدته خمسون يومًا، صوم نينوى، ومدته ثلاثة أيام، ويعتقدون أن يونس عليه السلام قد بدأ هذا الصيام ببطن الحوت، وللكنيسة صيام آخر متفاوت بين اليوم والثلاثة، ويُسمّى صيام البراموت (الاستعداد).

 

الصيام فى الكنيسة البروتستانتية

وتترك الكنيسة البروتستانتية مسألة الصوم للشخص الذى يقرر فيه الصائم لنفسه الصوم، وكيفيته، وَفْقَ رغبته الشخصية النابعة عن إحساسه الذاتي، فإذا ما صام وأفطر يحلّ له أكل ما يشتهيه من المأكولات، فهو عندهم مستحب وليس بواجب

 

الصوم عند الديانات غير السماوية:

الديانات الفرعونية:

كان المصريون القدماء يصومون للنيل كونه مصدر الخير والعطاء بالنسبة لهم، كما صاموا لأيام لها معنى لهم، كالصيام فى أيام الحصاد، أما الصيام الذى كان مقررا لعامة الشعب فهو ثلاثة أيام من كل شهر، وهناك صيام أربعة أيام فى بداية كل سنة، إضافة لنوع آخر من الصيام يقتضى عدم تناول إلا الخضر والماء لمدة السبعين يوما.

 

ومصر الفرعونية ساد نوع آخر من الصيام أيضا يخص كهنة المعابد، فلغايات الالتحاق بالمعبد على الطالب (خادم المعبد) الامتناع عن شرب الماء لسبعة أيام، والكهنة عندهم للصيام أنواع، وصيام الكهنة يرتبط بعبادة إله الشمس عندهم يبدأ من طلوع الشمس إلى الغروب، ويشمل الاكل والنساء، وقد يصل إلى نحو الأربعين يوما.

 

الديانة الهندوسية:

وأتباع هذه الديانة لهم طقوس عديدة فى الصيام، وتختلف باختلاف الإله المتبع، وحتى المناطق التى يتواجدون فيها، ففى جنوب الهند يصومون من شروق الشمس إلى مغربها ويسمح لهم بشرب السوائل، أما المناطق الشمالية فالمسموح تناول الفاكهة والحليب فقط، وعندهم ما يطلق عيه صيام الفصول، ويمتنعوا عن تناول الطعام من غروب الشمس لشروقها لمدة تسعة أيام فى بداية كل فصل، وهناك من يصوم حسب الإله فمن يتبع الإله شيفا يصومون الاثنين وأتباع الإله فيشنو يصومون يوم الخميس، ولكن فى العموم فإن الهندوس فى صيامهم يمتنعون عن تناول اللحوم.

 

الديانة البوذية:

صيام البوذيين يعتمد على الشهر القمرى، حيث يقومون بصيام أربعة أيام من بداية هذا الشهر، إلا أن صيامهم يشمل الامتناع عن العمل إضافة عن الطعام، وبالتالى يجب أن يكون الطعام معدا قبل شرق الشمس، بحيث يتناولونه عند حلول الغروب.

 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السيستانى أمه كثيرة التمتع وهو إيرانى ولا يتكلم العربية

العلمانية والمدنية والديمقراطية وقوم لوط والمثلية وجدرى القرود

إسماعيل الصفوي تحويل إيران من دولة سنية إلى دولة شيعية صفوية فى عام 1502